احتضن المعهد الفرنسي بالدار البيضاء في الفترة الممتدة ما بين 04 و07 دجنبر 2025 فعاليات الدورة الثانية من مهرجان “أمواج” للبودكاست والإبداع الصوتي، بشراكة مع جمعية “Longueur d’Ondes” الفرنسية واستوديو “Les Bonnes Ondes” المغربي المستقل، بهدف الاحتفاء بالصوت وتعزيز ثقافة الاستماع من خلال عرض الحرف الصوتية ومناقشة القضايا الاجتماعية الراهنة المتعلقة بمنطقة البحر الأبيض المتوسط.
واستضاف المهرجان على مدار أربعة أيام أكثر من خمسين صحافيا ومنتجا وفنانا من المغرب وفرنسا، شاركوا في طاولات مستديرة وجلسات استماع جماعية وعروض فنية، إلى جانب ورشات ولقاءات تكوينية تناولوا فيها مواضيع متنوعة وفقرات مهمة أبرزها فقرة “مذكرات خاصة وسياسية: إحياء الأرشيف”، والتي جمعت بين عملين يتقاطعان في استخدام الأرشيف كمادة خام.
أول هذه الأعمال الوثائقي الإذاعي “FRANCOISE ET LAHOUCINE” الذي قام به مخرج الأفلام الوثائقية الإذاعية والسمعية البصرية “مهدي أهوديك” بشراكة مع “Arte Radio“، سرد من خلاله قصة لقاء أمه الفرنسية المتزوجة “فرنسواز” وأبيه المغربي المهاجر حديثا “الحسين” في باريس سنة 1959، والعلاقة الغرامية التي نشأت بينهما في خضم الاضطرابات التاريخية والسياسية آنذاك، وقد اعتمد في هذا الوثائقي على أرشيف أمه، إذ تركت له قبل موتها 48 رسالة تقريبا كانت تكتبها للحسين، كما وظف تسجيلات صوتية التقطها قديما لها ومحادثات صوتية بينه وبين أخته ومجموعة صور وكتب.
وثاني عمل يعتمد على إحياء الأرشيف هو بودكاست “Soldat Bison” للمخرجة ومنتجة الأفلام الوثائقية الصوتية “ياسمين محجوبي” التي انطلقت في رحلة استكشاف وبحث في إرث عائلي تركه والدها المتوفي، محاولة سد الفجوة التي خلفها غيابه وإقامة حوار معه عبر الزمن، من خلال البحث في أرشيفه المكتوب ومذكراته الشخصية داخل السجن، وقصاصات الجرائد التي كان يحتفظ بها وأغلفة الحليب والبسكويت التي كان يكتب على ظهرها، كما أجرت اتصالات هاتفية مع أصدقاءه ومدرسته من أجل فهم أعمق لمسار حياته.
وقد جاء مهرجان “أمواج” ليظهر قوة إحياء الأرشيفات الصامتة والمكتوبة وتحويلها إلى تجارب سمعية حية ومؤثرة، ما يتيح للمتلقي فرصة لاكتشاف الذاكرة الجماعية بطريقة إنسانية وعاطفية تتجاوز الوثائق التقليدية.
